كبرتُ يا أمي بعيدا عن عينيكِ .. هناك في غربةٍ أصبحت وطني .. وأصبحتُ لقيطها ! .. كبرتُ يا أمي وخذلني جسدي .. ليقيدني في حدوده .. وتحلق روحي شغفاً بالحرية !

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

أمور صغيرة ..


ترددت في كتابة هذا المقال كثيرا فبعض الأفكار تضج بها عقولنا ونجد صعوبة في كبحها حتى يحين موعد نضجها وتصبح جاهزة لتهضمها العقول بيسر وتتشربها النفوس بحب ..

هي أفكار وملاحظات أردتُ أن أبوح بها مراراً .. وبعد قراءتي لكتاب "كخة يا بابا" للكاتب عبدالله الملغوث , الذي ينتقد فيه بعض العادات الاجتماعية بإسلوب إبجابي جميل, وبعد مشاهدتي لحلقة "كسر الحواجز" من البرنامج الرائع خواطر لأحمد الشقيري, قررت أن الوقت مناسب لهذا البوح..

في حياتنا اليومية لا ننفك من التذمر ونقد ظروفنا ومدراءنا وحكوماتنا .. تقوم ثورات وتتغير أنظمة وحكومات .. ونبقى نتذمر! .. لأننا تجاهلنا عن قصد قوله تعالى : "حتى يغيروا ما بأنفسهم" .. فلا نتقبّل أو حتى نستمع إلى وجهة نظر الآخر لاعتقادنا الواهي بأننا أفضل منه .. ولا نتّبع القوانين لأننا نختلف مع بعضها .. فقد تعودنا على أن نأخذ من أي شيء ما يتوافق مع أهواءنا فقط .. حتى من الدين نفسه !

أريد اليوم أن أخاطب نفوسكم وفطرتكم العربية المسلمة وأطرح عليها ظاهرة لم أجد لها تفسير ولم تقنعني كل التفسيرات التي افترضتها نيابة عنكم ! .. في البداية أريد أن أوضّح بأنني أذهب إلى عملي وجامعتي وعلاجي الطبيعي بسيارتي التي أقودها بنفسي وأستخدم جهاز كالعربة يساعدني على المشي .. خلال جهادي اليومي ومحاولاتي الحثيثة في الاعتماد على النفس .. أواجه بعض التحديات السخيفة .. كباب ثقيل أو منزلق عالِ .. أو موقف للاحتياجات الخاصة بعيد عن المدخل أو بدون منزلق ! .. ما لاحظته وأوجعني بأن معظم الذين يبادرون لمساعدتي هم من غير العرب من الجنسين ! .. مع أنّ المساعدة لا تتعدى عن فتح باب أو حمل شيء أو تسهيل دخول مكان ..

تأملوا معي هذين الموقفين .. وهما على سبيل المثال لا الحصر.. أسير مع عربتي باتجاه باب ثقيل ببطء .. يتعداني رجل عربي يمشي بسرعة يفتح الباب وينطلق دون أن يمسكه .. علامات الحسرة على وجهي وفي قلبي .. تنعى الشهامة العربية .. في المقابل وعند نفس الباب يتكرر نفس المشهد مع رجل أجنبي لكنه يمسك الباب وينتظرني وعندما أشكره يقول هذه فرصة لأشعر بأنني رجل نبيل !

ليس العتب غايتي ولا الانتقاد .. إنما هو تذكير وتنبيه لأمور ربما لم تلاحظوها يوما .. أمور صغيرة .. سبقتنا فيها أمم كثيرة .. لتتقدم بها على أمة محمد.


ملاحظة: هذا المقال كتبته في رمضان 2012 وبعثته للمحرر الذي رحب به ووعدني بنشره .. لكن لم يتم النشر ....

الأحد، 6 مايو 2012

طعمونا حريّة !


لا أدري إن كنت أنا التي تمردت على نفسي أم العكس لكن ما أعلمه هو أننا اتفقنا ضمنيا  على الاضراب عن الكتابة .. جاء هذا القرار عندما وجدت نفسي وقد  امتلأت بالغضب والأسى والاشمئزاز من كل ما يحدث فعزفتُ عن الكتابة لكي لا أكون بوقاً آخر ينعق بأخبار الموت والدمار .. ولكي لا يكون قلمي سوطاً آخر على أناس لا ذنب لهم إلا أنهم خلقوا عربا ! .. عند كل كارثة تلحق ببلادنا العربية  (وما أكثرها), تجد الجميع  يستنكر ويقول "وين العرب؟ .. وين المسلمين؟" وتصدح أمل عرفة ب"وين الملايين؟" .. وأظن أننا بعد الربيع العربي عرفنا جميعا الإجابة .. فلتتوقفوا أرجوكم عن هذا السؤال الساذج.. ولتغلقوا القنوات الإخبارية ومعها أفواهكم ولتهبّوا إلى العمل ..  فلن يحقن دماء أطفال سوريا تحليلاتكم السياسية ومزايداتكم على الخائن والشريف ! ولن يوقف ذلك السفاح أو غيره شعوب ارتضت لنفسها  الذل والخنوع فقط لكي تعيش حياة مريحة متمدنة عصرية (خالية من القيم طبعا إلا من رحم ربي)..


نعود إلى إضرابي الذي أوقفه إضرابٌ أرقى  وأشرف وأسمى .. لم أستطع المقاومة ومواصلة  سكوتي واضرابي أمام هذا الجمال .. شعرتُ بجميع حروفي تنبض حباً وإجلالاً لكل أسير مضرب عن الطعام .. يموت جوعا من أجل مبدأ .. قضية .. قناعة .. إيمان .. يااااه كم رفعتم مقاييس الرجولة! .. سنوات طويلة مظلمة من الاعتقال المجحف توَجتموها بمعركة الأمعاء لتقولوا للمحتل ما زلنا نستطيع جهادك وقهرك .. حتى لو كان سلاحنا تجويع أنفسنا حتى الموت! .. لم أعرف أنبل وأصدق من هذا الجهاد في حياتي .. أدعوا الله أن  ينصركم ويثبتكم ويصبّر أهاليكم .. ويجمعنا بكم على أرض الحرية .. فلسطين ..

الجمعة، 30 مارس 2012

انتقي من حولك


طلب مني صديق عزيز الكتابة بهذا الموضوع .. بطريقتي الحنانية .. وها أنا ألبي طلبه .. وأهديه كلماتي ...

تمتلئ حياتنا بالكثير من الأشخاص .. لكل منهم دور وتأثير فيها .. صغير أو كبير .. جميل أو قبيح .. مشرق أو مظلم .. وتختلف تصنيفاتنا لهؤلاء الأشخاص باختلاف شخصياتنا ونظرتنا للحياة .. سأكتفي هنا بوصف ثلاثة أنواع من وجهة نظري الخاصة ...

الأشخاص الرائعون (وما أكثرهم في حياتي J ).. لهم قلوب مليئة بالحب والرحمة .. طيبتهم  وحنّيتهم آسرة .. اهتمامهم وحرصهم صادق .. لا يبخلون بالنصيحة الصادقة أو الكلمة المشجعة .. طاقتهم ايجابية .. ابتسامتهم قريبة .. أحب نفسي برفقتهم وابتهج لرؤيتهم .. هم كالغيث ينشرون الحب والخير في كل مكان وبلا مقابل ..  أقول لهم: شكراً لأنكم دائما هناك ,تفرشون الطريق أمامي سعادة ,تمشون بجانبي وتزرعون الثقة بقلبي ,تقفون خلفي مستعدون لالتقاطي كلما تعثرت. ما افقر شكري امام عطاءكم!


الأشخاص المنافقون .. أتجنبهم قدر الإمكان .. طاقتهم السلبية ترهقني .. ازدواجيتهم تثير اشمئزازي .. هم من أصحاب الأقنعة المنمقة .. التي يتفننون في تبديلها بما يتناسب مع مصالحهم الشخصية .. يتخلّون عنك في أحلك الظروف ببرود وتشفي غير مبرران ..  وكأن سقوطك يعني نجاحهم .. ابتعد عنهم ولا تسمح لهم باستغلال طيبتك.

الأشخاص الميّتون .. هم أشخاص بلا هدف ..  قتلهم الفراغ .. لا ينقصهم  شيء  لكن تنقصهم الروح ليستمتعوا بكل شيء .. تجدهم يبحثون عن الأخبار والإشاعات .. تفسيرالأحلام .. الأبراج .. أي شيء يمكن أن يعطيهم قشة الأمل ليتشبثوا بها وتعطي لحياتهم معنى مؤقت ! .. أي شيء لا  يستلزم جهد أو  تفكير .. احذر عدواهم ..

في النهاية تذكر بأن كل إنسان يجذب حوله من هم مثله .. واذا فُرض عليك وجود أشخاص من النوعين الثاني والثالث في حياتك, فأنت وحدك من يملك القرار في مدى تأثيرهم عليك .. وإياك أن تضيّع طاقتك  وجهدك في محاولة تغييرهم فهم لن يتغيروا إلا إذا أرادوا ذلك .. ركّز على نفسك وارقى بها للأفضل ..

الأربعاء، 22 فبراير 2012

مقال جريدة - لأنكِ ملهمة


في الشهر الماضي كنت محظوظة بحضور دورة بعنوان "التفكير الابتكاري" للأستاذ صلاح اليافعي، كان الحضور مكونا من  40 فتاة معظمهن مدرّسات، تخلل الدورة العديد من الأنشطة الجماعية والنقاشات وعرض لأفكار ومشاريع مبتكرة.  أثار دهشتي وإعجابي درجة الوعي والاحترافية في العرض والإلقاء والنقاش لهؤلاء المدرّسات. كنّ يعرضنّ بعض تجاربهنّ المبتكرة في التربية والتوجيه ويتحدثنّ بثقة المجرّب المثقف وبأسلوب مقنع وجميل.

في مشاهدة أخرى وبحكم انتظامي على العلاج الطبيعي لسنوات، التقيتُ العديد من الملائكة الصغار ممن اختارهم الله وابتلاهم ببعض المشاكل في الحركة، لن أتحدث عن درجة ذكاء هؤلاء الأطفال ونباهتهم على الرغم من وضوحها، ولكن سأتحدث هنا عن أمهاتهم الصابرات المحتسبات، قويات الإرادة والعزيمة، فهؤلاء الأمهات كنّ يرافقن أبناءهنّ في جميع الجلسات ودائما كنّ حريصات على أناقتهنّ وأناقة أبنائهن، وكم كنتُ أستمتع وأُعجب بنقاشاتهنّ ومعرفتهنّ الواسعة بأمراض أبنائهنّ وجديد ما وصل إليه العلم من علاجات وأجهزة وتأثير العوامل المختلفة على تعليم أبنائهنّ ونفسيتهم.

هذه المشاهدات المضيئة لأمهات ومعلمات متميزات جعلتني أفكر وأتأمل بمدى انتشار وتأثير هذه الأمثلة المشرقة على بقية المجتمع، وكم تمنيتُ أن تكون هذه هي الصورة الغالبة لنساء الوطن.. من هنا أدعو جميع المعلمات والأمهات إلى مشاركة المجتمع بتجاربهنّ الفعّالة والظهور بشكل أكبر في جميع المجالات التي من شأنها إعطاء الصورة الصحيحة للمرأة القطرية، وذلك ممكن ومتاح بسهولة عن طريق الشبكات الاجتماعية مثلاُ، التي لها دور كبير وفعّال في ايصال الأفكار بشكل واسع وسريع.
ما أريد قوله وأتمناه هو أن تسمحي لذلك النور الذي ملأ قلبك وعقلك بأن يعم وينتشر ليصل إلى بقية العقول والقلوب التوّاقة بصدق لتلقيه.



هذا المقال تم نشره في جريدة الشرق القطرية - صفحة رأي عام 32
http://alsharq.ndpcdn.com/pdfs/files/AL_SHARQ_20120223.pdf

الأحد، 12 فبراير 2012

مقال جريدة - عرب قطر


منذ صغري وصفوفي الأولى , درستُ أنني عربية وأصولي تعود إلى الكنعانيين الذين قدموا من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام. إذن فأنا عربية وجذوري تضرب في الأرض عروبة وعوامل التعرية والتجوية من تغيير المظهر والملبس وأسلوب الحياة, لن تفلح في نفي هذه الصفة الأصيلة عنا.

عندما أذهب إلى الدوائر الحكومية لإنجاز معاملة, أرى صفّين صف للأجانب وقد ازدحم بالعمالة الآسيوية وصف للقطريين, فأحتار في أمري  وأجد قلبي يميل إلى الصف القطري العربي المسلم الذي عشتُ بينه 25  عاما,  لكن الموظفة تصرّ على أنني أنتمي إلى الصف الآخر ! أتكلم معها بالعربية وأحاول أن أخبرها بأن معلمتي الاجتماعيات التي درّستني تاريخ عروبتي هي قطرية وربما تكون والدتك, لكن بلا فائدة, أجر قدماي وأضطر إلى الوقوف مع الأجانب حزينة.

كلمة أجنبي في اللغة تعني (البعيد منك في القرابة) أو الغريب، كما في لسان العرب، لكن في معناها المتداول هي تطلق على الغيرعربي, كعربية أراها كلمة جارحة  في حقي فعلى الرغم من أن الرسول عليه الصلاة والسلام  قال:" لا فضل لعربي على أعجمي ولا ‏ ‏لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى",  لكن صفة العروبة هي صفة جميلة نفتخر بها لأن رسولنا عربي وقرآننا عربي, وإسقاطها عنا مؤلم,  خصوصا عندما ينتقل تداولها من الدوائر الرسمية إلى المجتمع ! لتجد بعض الجاهلين في المجتمع يينادوننا بقولهم " أنتم الأجانب!".

لا لسنا أجانب, نحن عرب وجدنا في قطر وطناً آمنا ووجدنا في شعبها أهلاً عوضونا عن غربة أوطاننا,  فإذا كانت الكلمة الطيبة صدقة, ألا يوجد في لغتنا العربية الثرية االبليغة كلمة أرقى؟ ألم يئن الأوان لتغيير هذه الكلمة؟




 هذا المقال تم نشره في جريدة الشرق القطرية - صفحة رأي عام 32
http://alsharq.ndpcdn.com/pdfs/files/AL_SHARQ_20120207.pdf