كبرتُ يا أمي بعيدا عن عينيكِ .. هناك في غربةٍ أصبحت وطني .. وأصبحتُ لقيطها ! .. كبرتُ يا أمي وخذلني جسدي .. ليقيدني في حدوده .. وتحلق روحي شغفاً بالحرية !

السبت، 16 أبريل 2016

حتى لا تموت المروءة

تاه أعرابي في الصحراء ، ولا يوجد معه ماء وطعام ، ووصل الى مشارف الهلاك، وفجأة لمح من بعيد فارس على حصان ، وأخذ يصيح للفارس كي ينجده ، وبالفعل استجاب الفارس للنداء ، وقدم الطعام والشراب للأعرابي
وعندما حاول الفارس مساعدة الأعرابي امتطاء الحصان، لكز الأعرابي الحصان وهرب به مسرعاً.. فنادى الفارس الاعرابي وقال له : قف مكانك لأقول لك كلمة واحدة فقط...
فرد الاعرابي : ماذا تريد؟
قال له الفارس : لا تروي هذه الحادثة لأحد
قال الاعرابي : لماذا؟!
فرد الفارس:  أخشى أن تنقطع المروءة عند العرب وأن ينقطع الخير بين الناس‪.‬

‪عندما سمعت هذه القصة لأول مرة تمنيتُ أن أقول للجميع توقفوا عن نشر قصص انعدام المروءة، فالكثير من الفرسان توقفوا عن مساعدة الآخرين ونجدتهم بسبب انتشار رواية حوادث أمثال الأعرابي، ودَور الإعلام والمسلسلات ووسائل التواصل الاجتماعي كبير في نشر هذه الحوادث الشاذة، فمثلاً هناك الكثير من البرامج التلفزيونية وصفحات الفيسبوك وحسابات الانستقرام المتخصصة في نشر مشاكل المتابعين بحجة مساعدتهم في إيجاد حلول، وعند قراءة أو متابعة هذه المشاكل تشعر بالقرف والسوداوية وانعدام المروءة، قصص شاذة لأزواج يضربون زوجاتهم ويأخذون أموالهم عنوة وإخوة يعذبون اخواتهم بحجة الدين! وآباء يزوجون بناتهم لشيّاب ويقبضون الثمن ومرضى يتم حبسهم وإهمالهم، وغيرها من قصص تشمئز لها النفس.‬
‪وهذه القصص تأثيرها مدمر في المجتمع، فمثلاً عندما يقرءها زوج يسيء لزوجته سيقول في نفسه " تحمد ربها زوجتي عالأقل أنا ما بضربها!"‬

‪وبذلك تصبح المقارنة بالأسوأ هي الأصل، يعترض البعض ويقول " بالعكس معرفة هذه المشاكل يجعلنا نثمّن النعم والأشخاص في حياتنا أكثر"، وأنا أقول أنّ الله بعث لنا الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام- وكان خلقه القرآن .. بعثه ليتمم مكارم الأخلاق .. بعثه لنقتدي به ونحاول أن نرقى بأخلاقنا ونتشبه به.‬

‪مثل هذه المواقع تجعلك ترضى بحالك التي ربما تكون غير سويّة وتقارن نفسك بالقصص التي تعرضها، لكن الله أراد لك أن تقارن نفسك بالأفضل. ‬

‪علينا نبذ هذه المواقع والبرامج التي تنشر القصص الشاذة والخالية من المروءة حتى لا تتحول هذه القصص إلى الأصل في التعامل وفي نفس الوقت علينا نشر القصص المشرقة لفرسان عصرنا الحديث، لكي تعود ثقتنا بالخير والمروءة.. ‬