كبرتُ يا أمي بعيدا عن عينيكِ .. هناك في غربةٍ أصبحت وطني .. وأصبحتُ لقيطها ! .. كبرتُ يا أمي وخذلني جسدي .. ليقيدني في حدوده .. وتحلق روحي شغفاً بالحرية !

السبت، 4 أبريل 2015

خاطرة من وحي فيلم Interstellar

 كنت متشوقة لحضور هذا الفيلم، خصوصاً بعد أن أثنى عليه الكثير من الشخصيات التي أثق بذائقتها، شاهدت الفيلم واستمتعت بكل ثانية من الساعتين والستة وأربعين دقيقة التي يقع فيها، عبقرية النص والاخراج والأداء، كانت تأخذ الأنفاس.
قصة الفيلم جعلتني أتأمل كثيراً، فالفكرة قائمة على استخدام عبقرية الإنسان في إيجاد كوكب بديل عن الأرض لأن الأرض أصبحت غير صالحة للحياة بسبب العوامل الطبيعية، وكان التركيز على ذكاء الإنسان من علماء وفيزيائيين في إيجاد الحل، جميل .. لكن إذا أسقطنا الفيلم على واقعنا الحالي نجد أنّ الذي يجعل الأرض غير صالحة للحياة هم البشر وليس عوامل الطبيعة، فكثرة الحروب والقتل بسبب الجشع والكره وانعدام الإنسانية وحب السيطرة وغيرها، جعلتنا في حاجة ماسة لعبقرية الإنسان وذكاءه في اختراع وسيلة للتعايش وتقبل الآخر وحب الخير للجميع وتفضيل المصلحة العامة، المضحك في الموضوع أننا نمتلك المنهج لكننا مختلفين على فهمه وطريقة تطبيقه، وبسبب كثرة اختلافاتنا وسوء أوضاعنا المادية والأخلاقية، فشلنا في نشره لتنعم به البشرية !


عندما قال الله للملائكة "إني جاعل في الأرض خليفة", تساءل الملائكة وقالوا "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء", فرد الله "إني أعلم ما لا تعلمون" , فما الذي يعلمه الله عنا ليؤهلنا لخلافة الأرض ولا تعلمه الملائكة؟ سيقول البعض بأننا خلقنا للعبادة مستشهدين بفهمهم الضيق للآية "وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون" وسأقول لهم بأن الملائكة تعبد الله وتسبح بحمده منذ ملايين السنين, فلماذا وقع الاختيار على الإنسان ليكون الخليفة في الأرض ولماذا قبل الإنسان بتحدي حمل الأمانة ؟ هل كان قبوله طمعاً بالجنة أم حباً بالله؟ والأمانة هي الروح, التي ينفخ الله بها في الإنسان, فيحملها الإنسان وبها من صفات الله, فإن غذّاها كان قريبا من الله غنياً به, وإن أهملها أصبح شهوانياَ مادياَ يعيش لأجل غرائزه, الأمانة هي العقل والإدراك وحريّة الاختيار, الأمانة هي التكليف, والإنسان كما قال الإمام عليّ كرَّمَ الله وجْهه رُكِّبَ مِن عَقْلٍ وشَهْوةٍ، بينما رُكِّبَ الحيوان مِن شَهْوَةٍ ولا عقْل ورُكِّب الملَكُ مِن عقْل دون شَهْوة، أما الإنسان فَرُكِّب مِن كِلَيْهِما فإن سَما عَقْلُهُ على شَهْوَتِهِ أصبَحَ فوق الملائكة، ومِن هنا يُعَدُّ المؤمن أرْقى مِن الملائِكَة أما إذا خان الأمانة وضَيَّعَها يُعَدُّ أسْوَء مَخْلوقٍ على الإطلاق، فأيُّ حَيوان تَحْتَقِرُهُ، فالإنسان الكافر أسْوَءُ منه، نعم, لقد قبل الإنسان حمل الأمانة ليكون خليفة الله في الأرض وليكون أرقى من كل الكائنات بعد أن كان من العدم, لكنه نسي هذه المهمة العظيمة رغم تذكير الأنبياء له على مدى العصور " إنه كان ظلوماً جهولا".

أنهي خاطرتي بتساؤل: متى سنبدأ في استخدام ذكاءنا ومنهجنا لإنقاذ البشرية وجعل الأرض مكان صالح للحياة؟