كبرتُ يا أمي بعيدا عن عينيكِ .. هناك في غربةٍ أصبحت وطني .. وأصبحتُ لقيطها ! .. كبرتُ يا أمي وخذلني جسدي .. ليقيدني في حدوده .. وتحلق روحي شغفاً بالحرية !

الأربعاء، 15 يوليو 2015

رمضان ٢٠١٥

عادةً ما اجعل اجازتي السنوية تبدأ في العشر الأواخر من رمضان، وكوني إنسانة صباحية تستمع برياضة الصباح والقهوة والفطور، فالصباحات الرمضانية لا تستهويني أبداً، بعكس ليالي رمضان الروحانيّة .. 
هذا الرمضان كان مختلفاً قليلاً، فمعظم العادات الرمضانية السلبية والمسلسلات الهابطة تم انتقادها بسخرية لاذعة وبشكل مكثف في وسائل التواصل الاجتماعي، وزاد عدد البرامج التوعوية والدينية بشكل جميل ومبتكر مع اهتمام خاص بجودة المحتوى واحترام عقلية المتلقي..
في الجانب الآخر نجد أن الشياطين البشرية قد زاد نشاطها في رمضان، معظمنا صعقنا بتفجير مسجد وقت صلاة الجمعة الأولى من رمضان، ثم توالت البشاعة اللا إنسانية من حكومات الظلام، ثم إقرار أمريكا الرسمي بتشويه الفطرة وزواج المثليين، وأخيراً خبر الاتفاق النووي ورفع الحصار عن إيران، والتي نشرت سمومها في الوطن العربي وهي تحت الحصار، فماذا نتوقع الآن عندما تتضاعف قوتها؟ 
ومن متابعتنا للموسم الأخير من خواطر للرائع أحمد الشقيري، نرى مقدار البؤس والقهر الذي يعيشه الكثير من الناس ( والحيوانات) سواء في مخيمات اللجوء أو العشوائيات أو القرى النائية، وأيضاً كمية الجهل والقسوة واساءة استخدام نعم الله لدى الكثيرين .. 
كل هذا يولّد لدينا أو لدي على الأقل الشعور باليأس والغضب وانعدام الجدوى! وهنا استنتجت لماذا ركّز معظم مقدمي البرامج التوعوية ( كمحيايّ، ولانأسف على الإزعاج، وخواطر١١، وإنسان جديد، وغيرها) على حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام- ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) ..  أي لا تقعدك أهوال قيام الساعة عن العمل وإصلاح نفسك ومحاولة إعمار الأرض وجعلها مكان أفضل للعيش .. 
رسالة أمل من مخلّص البشريّة يدعونا فيها لنعمل ما نستطيع ونتوكل على الحي القيّوم .. فهو سبحانه "يعلم ما لا تعلمون".
ساعات ويفارقنا رمضان، لم استطع حبس دموعي أثناء قيامي لآخر ليلة فردية، فكأن الله يحتضننا ويحمينا ( على الأقل من شياطين الجن) في رمضان وبعده علينا أن نواجه الحياة وحدنا، كالطفل عندما يفارق أمه في أول يوم دراسي .. 
اسأل الله أن يعيده علينا وعلى أمة الإسلام ونحن بأفضل حال، وكل عام وأنتم بخير.

السبت، 4 أبريل 2015

خاطرة من وحي فيلم Interstellar

 كنت متشوقة لحضور هذا الفيلم، خصوصاً بعد أن أثنى عليه الكثير من الشخصيات التي أثق بذائقتها، شاهدت الفيلم واستمتعت بكل ثانية من الساعتين والستة وأربعين دقيقة التي يقع فيها، عبقرية النص والاخراج والأداء، كانت تأخذ الأنفاس.
قصة الفيلم جعلتني أتأمل كثيراً، فالفكرة قائمة على استخدام عبقرية الإنسان في إيجاد كوكب بديل عن الأرض لأن الأرض أصبحت غير صالحة للحياة بسبب العوامل الطبيعية، وكان التركيز على ذكاء الإنسان من علماء وفيزيائيين في إيجاد الحل، جميل .. لكن إذا أسقطنا الفيلم على واقعنا الحالي نجد أنّ الذي يجعل الأرض غير صالحة للحياة هم البشر وليس عوامل الطبيعة، فكثرة الحروب والقتل بسبب الجشع والكره وانعدام الإنسانية وحب السيطرة وغيرها، جعلتنا في حاجة ماسة لعبقرية الإنسان وذكاءه في اختراع وسيلة للتعايش وتقبل الآخر وحب الخير للجميع وتفضيل المصلحة العامة، المضحك في الموضوع أننا نمتلك المنهج لكننا مختلفين على فهمه وطريقة تطبيقه، وبسبب كثرة اختلافاتنا وسوء أوضاعنا المادية والأخلاقية، فشلنا في نشره لتنعم به البشرية !


عندما قال الله للملائكة "إني جاعل في الأرض خليفة", تساءل الملائكة وقالوا "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء", فرد الله "إني أعلم ما لا تعلمون" , فما الذي يعلمه الله عنا ليؤهلنا لخلافة الأرض ولا تعلمه الملائكة؟ سيقول البعض بأننا خلقنا للعبادة مستشهدين بفهمهم الضيق للآية "وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون" وسأقول لهم بأن الملائكة تعبد الله وتسبح بحمده منذ ملايين السنين, فلماذا وقع الاختيار على الإنسان ليكون الخليفة في الأرض ولماذا قبل الإنسان بتحدي حمل الأمانة ؟ هل كان قبوله طمعاً بالجنة أم حباً بالله؟ والأمانة هي الروح, التي ينفخ الله بها في الإنسان, فيحملها الإنسان وبها من صفات الله, فإن غذّاها كان قريبا من الله غنياً به, وإن أهملها أصبح شهوانياَ مادياَ يعيش لأجل غرائزه, الأمانة هي العقل والإدراك وحريّة الاختيار, الأمانة هي التكليف, والإنسان كما قال الإمام عليّ كرَّمَ الله وجْهه رُكِّبَ مِن عَقْلٍ وشَهْوةٍ، بينما رُكِّبَ الحيوان مِن شَهْوَةٍ ولا عقْل ورُكِّب الملَكُ مِن عقْل دون شَهْوة، أما الإنسان فَرُكِّب مِن كِلَيْهِما فإن سَما عَقْلُهُ على شَهْوَتِهِ أصبَحَ فوق الملائكة، ومِن هنا يُعَدُّ المؤمن أرْقى مِن الملائِكَة أما إذا خان الأمانة وضَيَّعَها يُعَدُّ أسْوَء مَخْلوقٍ على الإطلاق، فأيُّ حَيوان تَحْتَقِرُهُ، فالإنسان الكافر أسْوَءُ منه، نعم, لقد قبل الإنسان حمل الأمانة ليكون خليفة الله في الأرض وليكون أرقى من كل الكائنات بعد أن كان من العدم, لكنه نسي هذه المهمة العظيمة رغم تذكير الأنبياء له على مدى العصور " إنه كان ظلوماً جهولا".

أنهي خاطرتي بتساؤل: متى سنبدأ في استخدام ذكاءنا ومنهجنا لإنقاذ البشرية وجعل الأرض مكان صالح للحياة؟

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

جنة ونار .. لماذا؟ ( تُقرأ بأقل من دقيقة)

كثيرا ما تساءلت، لماذا أعدّ الله لنا الجنة والنار، جنة عرضها السماوات والأرض، ونار عمقها سبعين خريفاً ! هل فعلاً تستحق حياتنا وأفعالنا هذا الثواب أو العقاب العظيم؟ .. وكلما تفكرت أكثر في أحوال البشرية جاءتني الإجابات تباعاً، من السهل جدا أن تميّز الظلمة والسفّاحين وفسادهم العظيم خصوصاً في أيامنا هذه، وهناك أيضا بعض الأخيار الصالحين الذين يمشون في الأرض كالغيث، لكن ماذا عني أنا وأنت؟ ماذا فعلنا لنستحق جنة مشرقة أو نار محرقة؟ وماذا يجب أن نفعل؟ الجواب بسيط لكنّ تطبيقه ليس بالأمر السهل أبداً.
عندما تكون حياتنا مستقرة هادئة كما نريد، نكون طيبين ولبقين في تعاملنا مع الآخر، شاكرين لله على فضله، لكن عندما تزلزل حياتنا المصائب والابتلاءات، هنا يظهر معدننا الحقيقي، سواء في تعاملنا مع الناس أو مع الله، لذلك جعل الله حياتنا مليئة بالبتلاءات " ليمحّص الله الذين آمنوا "، هو لم يطلب منا شيئا غير عبادته (الشعائرية والعملية) وأعاننا على ذلك بالقرآن والسنة وأعطانا العقل والإرادة وسخّر لنا الكون كله، لكنه في المقابل خلق فينا الشهوة وابتلانا بالوسواس الخنّاس والذي لا يستطيع أن يضرنا إلا بإرادتنا.
إذن نحن في اختبار عظيم ليس بالسهل أبداً ولذلك جعل نتيجته وجزاؤه أيضاً عظيمين.

ملاحظة مهمة: أن تكون في ابتلاء عظيم لا يعني أن تكون تعيساً كارهاً لمن حولك، حاول أن تكون على مراد الله وأن تبقي الأمل بالفرج مشتعلاً في قلبك.