كبرتُ يا أمي بعيدا عن عينيكِ .. هناك في غربةٍ أصبحت وطني .. وأصبحتُ لقيطها ! .. كبرتُ يا أمي وخذلني جسدي .. ليقيدني في حدوده .. وتحلق روحي شغفاً بالحرية !

الجمعة، 10 مايو 2013

قوة الكلمة والتفكير – الحلقة الأولى


لماذا يوجد إنسان سعيد وآخر حزين؟ ولماذا يوجد إنسان فرح وثري وآخر بائس وفقير؟ ولماذا يوجد إنسان خائف وقلق وآخر مليء بالثقة  والإيمان؟ لماذا يحقق إنسان نجاحا باهرا بينما يفشل إنسان آخر فشلا ذريعا؟

ولماذا يشفى إنسان من مرض عضال ولا يشفى منه إنسان آخر؟ ولماذا يعاني  العديد من الأشخاص الصالحين المتدينين من عذاب روحي وجسدي لا حد له؟ ولماذا يحقق العديد من الأشخاص غير الصالحين وغير المتدينين نجاحا وازدهارا ويتمتعون بصحة وافرة؟ ولماذا يحظى شخص بحياة زوجية سعيدة ولا يحظى شخص آخر بها ويشعر بالتعاسة وخيبة الأمل؟

يوجد إجابة منطقية ومقنعة لكل هذه التساؤلات ! وبعد قراءة المادة التي جمعتها عن قوة الكلمة والتفكير والتي ستكون من 6 إلى 8 حلقات, ستعرفون الإجابة على هذه التساؤلات بإذن الله.

معظم الناس يمنحون أنفسهم جزءا بسيطا من البهجة والرضى اللذين وضعهما الله أمام أعيننا فهم مشغولون للغاية بالتفاصيل اليومية للكفاح من أجل لقمة العيش, حتى أنهم يتناسون التمتع بعجائب الحياة وروعتها, وهناك طريقة يستطيع بها كل منا أن يغير هذا الوضع ويعيد الحيوية إلى حياته, ولكن لنتعرف أولا على سبب وجودنا والمقوّمات التي منحنا الله اياها ...


قال الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ)
عرض الله الأمانة على جميع المخلوقات فأبوا أن يحملوها وقبل الإنسان أن يحملها  لذلك كان أكرم المخلوقات على الله, ولذلك أعطاه الله مقومات حمل الأمانة وأمر الملائكة بالسجود له.

ما الأمانة ؟
الأمانة في رأي العلماء ، نفسك التي بين جنبيك ، هذه أمرها بيدك ، مصيرها إليك كُلفت حملها ، أي كُلفت أن تعرفها بربها ، كُلفت أن تحملها على طاعته ، كُلفت أن تزكيها كُلفت أن تأهلها للجنة ، كُلفت أن تسمو بها.

مقومات حمل الأمانة:
1-    الكون
أعطاك الكون ، الدليل :
قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) -سورة الجاثية الآية : 13
الكون مسخر للإنسان ، تسخير تعريف ، وتسخير تكريم ،
تسخير التعريف يقتضي أن تؤمن به ، وتسخر التكريم يقتضي أن تشكره ،
فإذا آمنت به وشكرته حققت الهدف من وجودك

2-    الفطرة
أعطاك فطرة ، لو أنك لم تعمل عقلك كما أنه لم تقرأ كتابك ، أعطاك بنية نفسية جبلة ، فطرة تكشف لك الخطأ ذاتياً .
قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) سورة الشمس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس )

3-    الشهوة
أعطاك شهوة هي ثمن الجنة ، ما أودع الله بالإنسان الشهوات إلا ليرقى بها مرتين ، مرة صابراً ، ومرة شاكراً إلى رب الأرض والسماوات ، هذا الميل نحو المال نحو المرأة ، نحو العلو في الأرض ، أودع فيك الشهوات ،

قال الله تعالى في القرآن الكريم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَاسورة آل عمران الآية : 14

أعطاك الشهوات لترقى بها ، وهي حيادية ، وما من شهوة أودعها الله فيك إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فلا حرمان بالإسلام ، وما من شهوة أودعها الله فيك إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها.

لكن المحرمات ليست قيوداً لحريتك ، بل هي ضمان لسلامتك ، المحرمات تماماً كلوحة كتب عليها : حقل ألغام ممنوع التجاوز ، لا تشعر بحقد أبداً على من وضع اللوحة ، بل تشكره من أعماق أعماقك ، لأنه ضمن لك بهذه اللوحة سلامتك ، كما لو وضعت لوحة أمام تيار توتر عال : ” ممنوع الاقتراب خطر الموت ” ، اللوحة رحيمة ، اللوحة فيها علم ، فيها حكمة ، فيها رحمة ، فيها قيادة حكيمة للمواطنين ، ممنوع الاقتراب خطر الموت .

4-    حرية الاختيار
أعطاك حرية ، أنت حر .قال الله تعالى في القرآن الكريم: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) سورة الكهف الآية : 29
ما لم تكن حراً لا يثمن عملك ، ما لم تكن حراً فلا يمكن أن ترقى إلى الله عز وجل ، أنت حر فيما كلفت به ، لكن الذي لست حراً فيه ما إن كنت ذكراً أو أنثى ، ومن أبوك وأمك ، وفي أي مكان ولدت ، وفي أي زمان ولدت ، هذه لمصلحتك ، ومحض خير لك ، وليس في إمكانك أبدع مما أعطاك .

إذاً : أعطاك حرية الاختيار ليثمن عملك ، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، أنت حر ، مخير .

5-    المنهج الإلهي
أعطاك منهجاً ، لو أن الأمور التبست عليك ، هناك منهج ، الكتاب ، والسنة ، افعل ولا تفعل ، هذا المنهج قال عنه العلماء : الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع ، والشريعة عدل كلها ، والشريعة رحمة كلها ، والشريعة حكمة كلها ، والشريعة مصلحة كلها ، فأية قضية خرجت من المصلحة إلى المفسدة ، ومن العدل إلى الجور ، ومن الحكمة إلى خلافها ، ليست من الشريعة ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .
إذاً : نحن قد خلقنا ربنا ، ولأنه خلقنا أمرنا أن نعبده .
قال الله تعالى في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ)

6-    العقل (البسيط و المركب)
وقد ذكرت كلمة العقل المدبٍر في القرآن بثلاث مصطلحات هي: هدى , ذكر, أسباب

قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) – طه 124, وهنا كلمة ذكري تعني قوانيني.

ويأمرنا الله  بسؤال أهل الذكر, قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) –النحل 43 وأيضاً ذكرت في سورة الأنبياء آية 7
وهنا يقول د. أحمد عمارة بأن معنى أهل الذكر أي أهل الاختصاص, فعندما تتعطل سيارتك تذهب إلى الميكانيكي, فهنا الميكانيكي من أهل الذكر.

وينقسم عقل الإنسان إلى قسمين:

1-    العقل البسيط (البدائي أو الباطن أو اللاواعي):
-         يعمل بتلقائية. (مثلا حتى وأنت نائم يستمر بالعمل والتحكم بعملية التنفس)
-         يعمل وفق البرامج الثابتة البسيطة المبرمجة فيه.
-         يأخذ الأسماء فقط من العقل المطوّر ويحقق هذا الإسم وفق البرامج المسجلة فيه.  (أي شيء يقوله العقل الواعي سينفذه العقل البسيط فإذا كررت قولك بأن  الحياة صعبة, فسيعمل العقل البسيط على تصعيب كل شيء فيها !)
-         هذه الأسماء (أو الأوامر) يأخذها العقل البسيط من العقل الواعي عن طريق الحديث الداخلي والخيال والصور الذهنية المسبقة منك ومن الآخرين من حولك. (لذلك يجب أن تنتبه جيدا لما تقوله لنفسك وما تفكر فيه وما تسمعه من الآخرين أو من الأغاني الحزينة! )
-         إذا كرر العقل المطور بعض  الأسماء وأعطاها  الموافقة والأمان فإنها ستخزن في العقل البسيط تلقائياً. (مثلا اذا كررت القول بأن الاستيقاظ صباحا مُتعب أو انك كبرت وعجَزت – حتى لو مزح - , سيعمل عقلك البسيط على إعطاء أوامر التعب إلى جسمك كل صباح فالعقل البسيط لا  بفهم  المزح ولا يفرّق بين  الحقيقة والخيال).
-         كل المخلوقات حتى الجمادات لها عقل بسيط وعقل الإنسان البسيط متصل معها. (فالقلم مثلا له عقل بسيط وهو خواصه الفيزيائية والغاية التي صنع لأجلها, فإذا عرف الإنسان قوانينه تمكن من استعماله والاستفاده منه,  وهذا ينطبق على كل المخلوقات)
-         كل المخلوقات المحسوسة كالكائنات الحية  والجمادات, والغير محسوسة كالمشاعر والمرض, كلها من  جنود الله ولها عقل بسيط. (إذا رفضت جنود الله ستزيد, أي اذا رفضت المرض وسخطت ولم ترضى بقدر الله وتسعى للشفاء وتأخذ بأسبابه فسيزيد المرض)
2-    العقل المركّب (المطوّر, الواعي)
-         يستطيع إنشاء أوامر جديدة كليا.
-         يقوم بإعطاء الأسماء لكل ما يحدث من حولك.
-         يستطيع تركيب أكثر من اسم وله إرادة  كاملة في وضع  الاسم الذي يريده.
الفرق بين العقل المطور والعقل  البسيط:
العقل المطوّر
العقل البسيط
العمليات العقلية الواعية كالتفكير والتحليل
العمليات العقلية اللاواعية كالتنفس والهضم
يستطيع التركيز على (3 إلى 7)  أشياء في نفس الوقت
اكثر من عشرة مليارات شيء في نفس الوقت
يفهم النفي
لا يفهم النفي (فإذا قلت لن أمرض سيفهم أمرض )
يفرق بين الحقيقة والخيال
لا يفرّق بين الحقيقة والخيال
لا بد أن ينام
لا ينام نهائيا
قدراته محدودة
قدراته غير محدودة

الفلتر: يكون بين العقل البسيط والمطوّر ووظيفته تسجيل كل الأسماء التي تمر عليه ثم يبدأ بتمريرها تلقائيا للعقل البسيط.

فضلا انتبه:
العقل المطوّر يقود البسيط, والبسيط يقود كل العقول البسيطة لكل المخلوقات من حولك, وبتحكمك بأفكارك وحديثك الداخلي تتحكم في كل شيء في حياتك.

لذا فإن ما يتم برمجته في الفلتر هو الذي يقود كل الأمور من حولك سلبا وإيجابا وبتحكمك في ما هو مبرمج في الفلتر تتحكم في كل شئونك ومستقبلك القادم.

وهذه البرمجة تتم عن طريقتيين:

1-    التكرار (تحتاج من 7 إلى 21 محاولة ناجحة لكي تتم البرمجة), أي أن تقوم بصياغة الفكرة التي تريد زرعها في  عقلك الباطن (مثلا: أنا أمتثل للشفاء وكل قوى عقلي البسيط تتحد مع كل المخلوقات لشفائي بإذن ربي, وأكرر هذه العبارة قبل النوم  وعند الاستيقاظ لمدة 21 يوم, فيتبرمج عقلي البسيط على فكرة الشفاء).
2-    الكثافة الحسية (كلما كانت المشاعر قوية جدا كلما حدثت البرمجة من أول مرة), أي إذا كنت حزينا جدا وقلت بأنك فاشل, فسيتبرمج عقلك البسيط من  أول مرة على أنك فاشل.
فضلا انتبه:
يطلق العقل البسيط عن طريق الفلتر الإشارات  لكل العقول البسيطة في الكون فيتم التفاعل معها وهنا تبدأ الفرص بالظهور للشخص, هنا ينبغي عليه بشدة أن يكون يقظ ومهيئا لاستقبالها.

لتنقية الفلتر كرر كل صباح بيقين " أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين".

عندما تدعو فإن الله يستجيب ويرسل لك جنود الاستجابة لكن بقانون التدرج, فإذا أرسل إليك القليل اقبل  واحمد الله لكي يزيد.

الصلوات والتضرعات تستجاب بغض النظر عن العقيدة, الإجابة لا تكمن في عقيدة بعينها أو ديانة ما أو أداء شعائر أو طقوس معينة أو تقديم قرابين أو التلفظ  بأدعية بعينها, وإنما تكمن الإجابة في الإيمان أو القبول العقلي لما ييصلي من أجله الناس, أي عندما يستجيب العقل البسيط (الباطن) للصورة  الذهنية أو الفكر في العقل المطوّر(الواعي) للإنسان.

يتبع ..

المصادر:
-         قصة الخلق وسبب وجود الإنسان, لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-01-12
-         دورة "قوة الكلمة والتفكير" للدكتور أحمد عمارة - استشاري صحة نفسية بالطاقة الحيوية
-         "قوة عقلك الباطن" للدكتور جوزيف ميرفي.
- "قوة التفكير" للدكتور ابراهيم الفقي.

7 التعليقات:

Unknown يقول...

عجيييب

إبراهيم لافي يقول...

سأكون أول الطلاب في هذه المادة...موضوع جميل وتطور في العرض...دمتي بتقدم

غير معرف يقول...

رائعة ياحنان، اسلوب جديد في الطرح ومتسلسل :)
في انتظار البقية.
فوزيه

Unknown يقول...

روعه عاشت ايدج حنان المبدعة طرح جديد وموضوع شيق بالتوفيق ان شاء الله

Unknown يقول...

رااااااائع واسلوب جميل.
شكراً

Unknown يقول...

شكرا انطلاق

Unknown يقول...

في انتظار البقيه

إرسال تعليق